تذوق الجمال يعد قيمة عليا تُدْخِل الإنسان في عالم باقي القيم الأخرى، والإنسان نفسه هو أعلى قيمة جمالية في الكون فطرها الله تعالى، والأصل في خلقه الجسد والروح، خُلِقَ في أعلى درجات الجمال لذلك فهو وحده المؤهل ليكون خليفة للجمال في الأرض، لذلك نجد أن الله تعالى دعانا إلى التأمل والتفكر في مخلوقاته في مواضع كثيرة في كتابه العظيم، والعمل على الكشف عن أسرار الخلق حتى نصل إلى معرفة الخالق والوعي الجمالي الذي يرقى بنا إلى مستويات عليا من القيم والفضائل، ومن ارتفعت نفسه إلى مستويات النفس الجميلة استطاع أن يرى الجمال في الأشياء واستطاع أن يصنع الفعل الجميل.
ولن أكتفي في الحديث بالدعوة للجمال والبحث عنه فقط ، بل أدعو الآباء والأمهات لتربية أبنائهم منذ الصغر على اكتشاف الجمال وتذوقه وأن يؤلفوا بين أبنائهم وبين الجمال ويغرسوا فيهم الذوق الرفيع في كل أمر( الروائح الذكية ــ الألوان المتناسقة ــ البيان الفني ــ الأصوات العذبة ــ الكلمات الجميلة....... الخ) وبذلك ينشأوا ملمين بجغرافية الجمال وكل ما يتعلق به
مما يوصلهم لمعرفة الخالق جل وعلا والذي هو الأصل في ذلك وهناك عبارة جميلة جدا علقت في ذاكرتي منذ أمد بعيد فيما يخص الجمال وتعلقه بالذات الإلهية وهي ــ ( ما من جمالٍ مستقل بنفسه عن العين الرائية معزول عن المستجمل إلا مطلق الجمال الله ) ويؤسفني أني قد نسيت مصدرها مع مرور الوقت لكن يكفيني منها تأثيرها الروحي علي وأني كلما جددت حروفها في ذاكرتي تجدد اليقين عندي بأن جمال الذات الإلهية أجمل مليارات المرات من جمال مخلوقاته مهما بلغت درجات جمالها فيا سبحان الله خالق كل شيء ومبدعه .
والحياة مهما تتطورت الماديات فيها تظل الشمس هي الشمس والقمر هو القمر والنجوم هي النجوم ................الخ ، والأمر لا يحتاج منا إلا لوقفة نراجع فيها أنفسنا ونعيد التفكير في طريقة حياتنا مرة أخرى وألا ندع الماديات تفرغ دواخلنا من الجمال وتعمي أبصارنا عن رؤيته، فالجمال محيط بنا من كل اتجاه ، لو أنا فعلا نريد أن نحس به ونتذوقه، فهيا قفوا وتأملوا الجمال ولو لنصف ساعة من كل يوم وغضوا النظر عن المكدرات والمنقصات وستشعرون بالفرق وتحسون أن لحياتكم معنى ،فالجمال دعوة للحب والحب دعوة للخير والخير دعوة للإيمان . أنحتاج بعد كل هذا لمحفزات أخرى للبحث عن جمال الكون ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟.